تفسير سورة النبأ
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
1
((عَمَّ يَتَسَاءلُونَ))، أصله "عن ما" مركبة من "عن" الجارة، و"ما" الاستفهامية، ثم أدغمت النون في الميم لقرب مخرجهما، وحذفت الألف من "ما" على ما هي القاعدة من حذفها مطلقاً إذا دخلت على "ما" حرف جر، فيقال: "بم، ولم، وعم" وهكذا. والمعنى عما ذا يتساءل الكفار بعضهم عن بعض؟ فقد قال في المجمع قالوا: لما بعث رسول الله وأخبرهم بتوحيد الله تعالى وبالبعث بعد الموت وتلا عليهم القرآن جعلوا يتساءلون بينهم - أي يسأل بعضهم بعضاً على طريق الإنكار والتعجب فيقولون: "ماذا جاء به محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ وما الذي أتى به؟" فأنزل الله تعالى "عم يتساءلون". أقول: والمراد بالاستفهام التفخيم، كما تقول: أية قصة هذه؟ إذا أردت تفخيمها، وورد في جملة من الأحاديث أن المراد بالنبأ العظيم الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، وهذا من باب المصداق أن أريد بالآية الأعم، ومن باب البطون أن أريد بها القيامة.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
2
ثم جاء الجواب ((عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ))، أي الخبر المهم، وهو ما يتعلق بالمبدأ والمعاد.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
3
((الَّذِي))، أي النبأ الذي ((هُمْ))، أي هؤلاء الكفار ((فِيهِ))، أي في ذلك النبأ ((مُخْتَلِفُونَ)) فمن مصدق له باعتبار كونه من أهل الكتاب - أو من أشبههم - ومن مكذب له.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
4
((كَلَّا)) ليس الأمر كما قالوا وزعموا، حيث أنكروا التوحيد والرسالة والمعاد ((سَيَعْلَمُونَ)) عاقبة تكذيبهم وصدق الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
5
((ثُمَّ)) لترتيب الكلام ((كَلَّا)) ليس الأمر كما زعموا، ((سَيَعْلَمُونَ)) عند موتهم أو في يوم القيامة أن الأمر كان كما أخبر الرسول، وأنهم كانوا في ضلال وانحراف، وهذا تهديد بعقب <يعقب؟؟> تهديد.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
6
ثم جاء السياق ليذكر طرفاً من نعمه سبحانه الدالة على وجوده وسائر صفاته حجة على المنكرين، ((أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا))؟ أي وطاء وقراراً مهيأ للتصرف، كالمهد الذي يستقر فيه الطفل من غير أذية.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
7
((وَ)) ألم نجعل ((الْجِبَالَ أَوْتَادًا)) جمع "وتد"، وهو "المسمار"، أي مسامير للأرض حتى لا تتشقق ولا تتبعثر في الهواء من جراء الحركة والجاذبيات كالوتد الذي يربط بعض ألواح الخشب ببعض حتى لا تنفصم.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
8
((وَخَلَقْنَاكُمْ)) أيها البشر ((أَزْوَاجًا)) جمع "زوج"، وهو الصنف، أي أصنافاً وأشكالاً باختلاف ألوانكم وألسنتكم ومدارككم إلى غير ذلك من الاختلافات.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
9
((وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ)) أيها البشر ((سُبَاتًا))، أي قاطعاً للعمل لأجل الاستراحة، ومنه سبت أنفه إذا قطعه، فمن يا ترى جعل هذه الأمور غير الله سبحانه؟
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
10
((وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا))، أي غطاء وسترة يستر كل شيء كما يستر اللباس البدن، وذلك لحكمة الاستراحة والانصراف عن العمل، فإن الليل لو كان مثل النهار لم يهدأ الإنسان ولم يهنأ بالراحة، بالإضافة إلى أن ظلمة الليل تساعد على الراحة والنوم - كما قالت الأطباء.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
11
((وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا))، المعاش هو العيش، أي وقت العيش تتقبلون فيه لتحصيل المعاش والبقاء، وهذا من الإسناد المجازي، فإن النهار زمان المعاش لا نفسه.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
12
((وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ))، أي خلقنا وصنعنا فوقكم أيها البشر ((سَبْعًا))، أي سبع سماوات، والمراد بها مدارات الكواكب السيارة أو ما أشبه، ((شِدَادًا)) جمع "شديد"، أي محكمة متقنة الأسلوب والنظام.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
13
((وَجَعَلْنَا)) في السماوات ((سِرَاجًا ))، أي مصباحا، والمراد به الشمس، ((وَهَّاجًا))، أي وقاداً متلألئاً بالنور، من "وهج" بمعنى أنار وأضاء.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
14
((وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ)) بصيغة اسم الفاعل، والمراد بها السحائب، فإنها تعصر نفسها بما أودع فيها من الطاقات العاصرة حتى تمطر، كالغسالة التي تعصر الثوب حتى تخرج قطرات الماء منه، أو المراد بالمعصرات الرياح التي تعصر السحاب، ومعنى "من" نشويه، ((مَاء ثَجَّاجًا))، أي صباباً دفاعاً في الصبابة، من "ثج" بمعنى انصب بكثرة، والمراد المطر الكثير الانصباب.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
15
وإنا أنزلنا المطر ((لِنُخْرِجَ بِهِ))، أي بواسطة ماء المطر ((حَبًّا)) كالحنطة ونحوهما ((وَنَبَاتًا)): كل ما ينبت من أنواع المزروعات.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
16
((وَ)) نخرج به ((جَنَّاتٍ)) أي بساتين ((أَلْفَافًا))، أي ملتفة بالشجر، وهو جمع "لف" يراد به الشجر الملتف بعضه ببعض، ويسمى البستان "جنة" لتسترها بالأشجار.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
17
ثم يأتي السياق لبيان المعاد، بعدما ذكر جملة من أدلة الألوهية ((إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ)) الذي يفصل فيه بين الخلائق، ليجزي كل إنسان بما عمل من خير وشر وهو يوم القيامة ((كَانَ مِيقَاتًا))، أي وقتا وزماناً لما وعد الله سبحانه من الحساب والجزاء، فإن "الميقات" يستعمل بمعنى الزمان وبمعنى المكان كمواقيت الحج.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
18
ثم بين ذلك بقوله: ((يَوْمَ)) بدل "يوم الفصل" ((يُنفَخُ فِي الصُّورِ))، أي البوق، ينفخ فيه إسرافيل لحشر الخلائق وحياتهم بعد الموت، كما ينفخ النافخ في البوق لحركة القافلة أو الجيش أو من أشبه، وهذه هي النفخة الثانية، ((فَتَأْتُونَ)) أيها البشر من قبوركم أحياءا ((أَفْوَاجًا)) جمع "فوج"، أي جماعات، كان كل جماعة تشتمل على المشاكلين في العمل.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
19
((وَفُتِحَتِ السَّمَاء))، أي انشقت وظهرت فيها أبواب، ((فَكَانَتْ)) السماء ((أَبْوَابًا))، فإن كلها بشكل أبواب تنزل الملائكة منها للحساب والجزاء وإطاعة الأوامر.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
20
((وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ))، أي سارت عن أماكنها بعد أن انقلعت، وإنما يسيرها الله سبحانه، ((فَكَانَتْ)) الجبال ((سَرَابًا))، أي كالسراب الذي هو خيال الماء في الصحراء وقت الظهيرة، فإن الجبال إذا رآها الإنسان حسبها جامدة كسابقتها، بينما في صارت كالهباء، ترى شيئاً جامداً وليس بجامد، كالضباب الذي يحسبه البعيد شيئاً وليس بشيء.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
21
((إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا)) كالمحل الذي يرصد فيه لحفظ الدار أو البستان أو ما أشبه، فإنها محل لرصد الملائكة للناس، حيث يرون منها أي إنسان يجرم حتى يستحق النار، وأيا يحسن حتى لا يستحقها، فإن "المرصاد" هو المكان الذي يراقب فيه العدو.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
22
((لِلْطَّاغِينَ))، أي الذين طغوا وجاوزوا حدود الله سبحانه ((مَآبًا)) من "آب" بمعنى رجع، والمراد به المنزل، ويسمى المنزل "مآباً" لأن الإنسان كلما خرج منه رجع إليه.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
23
((لَابِثِينَ)) من "لبث" بمعنى بقى، أي يبقي الطاغون ((فِيهَا))، أي في جهنم ((أَحْقَابًا)) جمع "حقب" على وزن غرف، وهو جمع "حقبة"، والمراد بها الزمان الطويل، أي يمكثون في جهنم دهوراً طويلة، وقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: "الأحقاب ثمانية حقب، والحقب ثمانون سنة، والسنة ثلاثمائة وستون يوما، واليوم كألف سنة مما تعدون." أقول: أما المعاند من أهل الباطل فلا مخرج له منها، وأما العصاة فإنهم يخرجون بعد أزمنة طويلة حسب اختلاف عصيانهم.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
24
((لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا))، أي في جهنم ((بَرْدًا وَلَا شَرَابًا))، فلا هواء بارد ولا طعام بارد، ولا شيء بارد لهم هناك، ولا شراب يشربون ليروي عطشهم المتزايد.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
25
((إِلَّا حَمِيمًا)) وهو الماء الحار المغلي، ((وَغَسَّاقًا)) وهو صديد أهل النار، والاستثناء منقطع، أي لا يذوقون إلا الحميم والغساق أما البرد والشراب فليس لهم، أو متصل بقوله "شراباً".
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
26
إنما يجزون بذلك ((جَزَاء)) على كفرهم وعصيانهم ((وِفَاقًا))، أي وفق أعمالهم وبقدرها.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
27
ثم يأتي البيان ليبين أعمالهم التي استحقوا بها هذا العذاب، ((إِنَّهُمْ كَانُوا)) في الدنيا ((لَا يَرْجُونَ حِسَابًا))، أي لم يكونوا يتوقعون القيامة، بل كانوا يكذبون بها، وكان لفظة "لا يرجون" باعتبار أن كل متوقع لشيء إنما يحتمل النجاح فيه.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
28
((وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا)) التي أقمناها على المبدأ والرسالة والمعاد، ((كِذَّابًا))، أي تكذيباً، فلم يكونوا يقبلون الآيات الدالة على الألوهية والرسالة والمعاد.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
29
وهل زعم هؤلاء أن أعمالهم الباطلة لا تأخذهم؟ ((وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ))، أي جميع أعمالهم جمعناه وعددناه وبيناه، ((كِتَابًا))، أي إحصاء في الكتاب لا بالقول فقط.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
30
وهناك يقال لهم: ((فَذُوقُوا)) هذا العذاب والنكال جزاءاً على أعمالكم الباطلة، ((فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا))، فليس الأمر محتمل النقص والانقطاع، بل تزدادون عذاباً ونكالاً كل يوم وساعة، وذلك باعتبار أن كل يوم يضاف عذاب ذلك اليوم على الأيام السابقة - وإن كان بقدره في الكيفية.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
31
وإذا عرفنا أحوال المجرمين في الآخرة فلنتعرف بالمؤمنين، ((إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا))، مصدر ميمي، أي إن لهم فوزاً وفلاحاً، و"المتقي" هو المؤمن الذي يتقي الله فلا يذنب.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
32
((حَدَائِقَ)) بدل من "مفاز" جمع حديقة وهي البستان الصغير المنظم، أو هي الجنة المحوطة بالسور وإن كانت كبيرة، من "حدق" بمعنى أحاط، ((وَأَعْنَابًا)) جمع "عنب" خص بالذكر مثالاً ولكثرة الالتذاذ به.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
33
((وَكَوَاعِبَ)) جمع "كاعبة"، وهي المرأة التي استدار ثديها لكونها في أول زمان رشدها، ((أَتْرَابًا)) جمع "ترب" وهي من في سن الأخر كأنهم أتراب بعضهن لبعض، أو بعضهن مع أزواجهن، فليس عمر إحداهن أقل من عمر الزوج أو أكثر ليرى العنت والصعوبة في معاشرتها.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
34
((وَكَأْسًا)) وهو الإناء الشراب، ((دِهَاقًا)) أي مملوءة، من "الدهق" بمعنى شدة الضغط، كأنه لا مجال فيها للماء أو الشراب بعد ذلك.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
35
((لَّا يَسْمَعُونَ))، أي المتقون ((فِيهَا))، أي في الجنة كلاماً ((لَغْوًا)) لا فائدة فيه، ((وَلَا كِذَّابًا))، أي تكذيباً من بعضهم لبعض.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
36
إنما يكون المتقون في هذا النعيم الأبدي ((جَزَاء مِّن رَّبِّكَ)) يا رسول الله لهم، على أعمالهم الحسنة في الدنيا في حال كونهم ذلك الجزاء ((عَطَاء حِسَابًا))، أي بالحساب، فليس الأمر اعتباطاً.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
37
ثم بين ربك بما يدل على عظمته سبحانه يقوله: ((رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا))، فكل شيء له خلقاً وتربية، ((الرحْمَنِ)) وجيء بهذا الوصف للدلالة على أنه سبحانه رحيم بعباده يتفضل عليهم بالمغفرة والرحمة، وإنهم إنما استحقوا الثواب برحمته لا بأعمالهم، ((لَا يَمْلِكُونَ))، أي البشر ((مِنْهُ)) تعالى ((خِطَابًا))، فلا يقدر أحد أن يكلم الله سبحانه أو يشفع لأحد إلا بإذنه، فهو رحيم ذو هيبة وجلال، وليس كرحيم الدنيا الذي إذا عطف قلبه على أحد يمكن التسلط عليه للين قلبه.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
38
ثم بين معنى (لا يملكون منه خطاباً) بقوله: ((يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ)) وهو ملك عظيم كما ورد في الأحاديث ((وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا)) كما يصطف الجيش أمام الملك، وذلك مما يزيد القيامة هيبة وهولاً، ((لَّا يَتَكَلَّمُونَ))، أي أولئك الملائكة والروح أو أي متكلم ((إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ)) بالكلام في أي شأن من الشؤون ((وَقَالَ صَوَابًا))، وكان هذا في بعض المواقف، وفي بعض المواقف الأخر يتكلم كل أحد بما يريد من صدق وكذب كما قال سبحانه: (انظروا كيف كذبوا على أنفسهم)، أو المراد بالتكلم: الشفاعة.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
39
((ذَلِكَ الْيَوْمُ)) الذي وصف هو اليوم ((الْحَقُّ)) الكائن لا محالة، فلا كذب في الأخبار به، قالوا: إذا طابق الخبر الواقع فباعتبار كونه مطابقاً للواقع يسمى صدقاً، وباعتبار مطابقة الواقع له يسمى حقاً، ((فَمَن شَاء)) منكم أيها الناس ((اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ))، أي إلى رضاه وثوابه ((مَآبًا)) بالإيمان والطاعة، كان المؤمن اتخذ إلى ربه مآباً، والكافر اتخذ إلى ربه غيره مآباً، حيث يبتعد عن لطفه ورحمته بسبب الكفر والعصيان فليس مآبه.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة النبأ
40
((إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ)) أيها الناس ((عَذَابًا قَرِيبًا))، فإن الآخرة قريبة وإن ظنها الناس بعيداً، كما قال سبحانه: (إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً)، ثم بين وقت ذلك العذاب بقوله: ((يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ))، أي يرى جزاء أعماله ويلاقيه، ونسبة التقديم إلى اليد لكونها العضو الفعال في الأمور المرتبطة بالإنسان، ((وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا)) لهول ما يرى من العذاب، فإنه يتمنى أن كان في الدنيا تراباً، ولم يكن إنساناً حتى يكفر فيبتلى بذلك العذاب العظيم، لكن تمنيه هناك لا ينفع كما لا ينفع تمني كل مجرم إذا وقع في مخالب الجزاء.
ينتهي يتبع في السور الثانيه باذن الله