ويلٌ للأزهر من أهله !
كان منيعا بالدين فابتذلوه للدنيا ..
وكان عزيزا بالعلم فأذلوه بالمنصب ..
وكان مستقلا في حمى الله فأخضعوه لهوى الناس !
..
كان للأزهر - قبل الشيخ - جلالةٌ تغشى العيون
وكان له قداسة تملأ الصدور
وكان لعلمائه مكانة في القلوب
وكان لهم مهابة في النفوس
ثم شايعوا أهواء الناس .. وصانعوا أهل النفوذ .. وجروا على تمكين مناصبهم على الضراعة والملق .. ففقدوا مكانتهم في نفوس الناس وجرُّوا معهم كرامة الدين الى هكذا منحدر!!
..
كنا ونحن صغار نرى الأزهري إذا نزل الريف كان يوم نزوله تاريخاً لايُنسى .. فيأخذُ الناسَ حالٌ من الصفاء يدفعهم الى رؤيته .. إذ يتوسَّمو ن في أساريره نور الرسالة ..
ويتنسَّمون في أعطافه أريج النبوَّة ..
ويتخففون على يديه من تبعات الجهالة ..
ثم يتحلّقون حول كرسي الشيخ ويستبقون الى القرب منه بعراكٍ حام ٍ وصخبٍ مُصِم .. حتى إذا أقبلَ الشيخ خشعت الأصوات ..
وسكنت الحركات .. وكأن شيئا علَّقَ الأنفاس فلا تنسم .. وعقد الشفاه فلا تنبس !!
حتى إذا إنقضى الدرسُ وقال الشيخ : ( والله أعلم ) ..
تَضَامَّتْ أطرافُ الحلقةِ عليه ..
وأنحَى الناسُ بالقبل على يديه ..
فما يشق طريقه بينهم إلاّ بعد حين ..
..
ليس في مصر ولافي غير مصر ضمير نزيه يرضيه أن تهتز صورة الأزهر في نفوس الناس وهو معقل الدين الذي عصم القرآن .. ولغته .. وعلومه .. من طغيان الفتن أحدَ عشرَ قرنا من الزمان ..
والمخلصون في هذا الوطن وعلماء الأزهر أقدر على درءِ هذه الكارثة متى أنضجوا الرأي وأجمعوا الكلمة
حفظ الله مصر ..
وأزهرها..
وعلمائها..
لتبقى منارة للاسلام على مر الزمان ..
جاك