سبب نزولها
عن محمد بن إسحاق, قال: ثني سعيد بن ميناء مولى البَخْتَريّ, قال: لقي الوليد بن المُغيرة والعاص بن وائل, والأسود بن المطلب, وأميّة بن خلف, رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقالوا: يا محمد, هلمّ فلنعبدْ ما تعبد, وتعبدْ ما نعبد, ونُشركَك في أمرنا كله, فإن كان الذي جئت به خيرا مما بأيدينا كنا قد شَركناك فيه, وأخذنا بحظنا منه وإن كان الذي بأيدينا خيرا مما في يديك, كنت قد شَرِكتنا في أمرنا, وأخذت منه بحظك, فأنزل الله: قُلْ يا أيّها الْكافِرُونَ حتى انقضت السورة.
وقوله: لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ يقول تعالى ذكره: لكم دينكم فلا تتركونه أبدا, لأنه قد خُتِمَ عليكم, وقُضِي أن لا تنفكوا عنه, وأنكم تموتون عليه, ولي دينِ الذي أنا عليه, لا أتركه أبدا, لأنه قد مَضى في سابق علم الله أني لا أنتقل عنه إلى غيره
تفسيرها
" قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم ولي دين "
أي : قل للكافرين معلنا ومصرحا
" لا أعبد ما تعبدون "
، أي : تبرأ مما كانوا يعبدون من دون الله ، ظاهرا وباطنا .
" ولا أنتم عابدون ما أعبد "
لعدم إخلاصكم في عبادتكم لله ، فعبادتكم له ، المقترنة بالشرك ، لا تسمى عبادة . وكرر ذلك ، ليدل الأول على عدم وجود الفعل ، والثاني ، على أن ذلك قد صار وصفا لازما . ولهذا ميز بين الفريقين ، وفصل بين الطائفتين ، فقال :
" لكم دينكم ولي دين "
كما قال تعالى :
" قل كل يعمل على شاكلته "
" أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون "